الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية أستاذة جامعية تتهم الدولة بقتل "عقل" طالبتها الشابة "ميساء بن حميدة" التي غيّبها الموت مؤخرا بسبب 100 مليون، وتتحدث عن القهر

نشر في  25 ديسمبر 2018  (11:41)

انتقلت الى جوار ربها مساء امس السبت الناشطة في المجتمع المدني الشابة ميساء بن حميدة البالغة من العمر 21 سنة وأصيلة مدينة بني حسان من ولاية المنستير وذلك بعد اصابتها بمرض خطير تمثل في عطب في شرايين الرأس ويسمّى بلغة الاختصاص" آنيفريسم-Anévrisme "، ولعلّ ما تسبب في فاجعة وفاتها المفاجئة اكتشاف إصابتها بهذا المرض مؤخرا وعدم تمكن عائلتها من جمع المال المقدر بـ100 ألف دينار لإجراء العملية الجراحية في مصحة خاصة لإنقاذ حياتها بعد استحالة إجرائها في المرفق العمومي إلا بعد 3 سنوات وفق ما أكدها أقارب الراحلة.

وفي هذا الإطار نشرت الأستاذة الجامعية يسسر الدريدي تدوينة تدوينة على صفحتها الخاصة بالفايسبوك نعت فيها طالبتها الفقيدة ميساء وذكّرت فيها مناقبها وعدّدت صفاتها التي ميّزتها كما يلي:

ميساء بن حميدة، طالبتي و صديقتي، اللّي تقول للحياة "وسّع، ٱنا جيت"، اللّي تفيّق الصّباح بيدو، اللّي تعدي شوبنهاور بالتّفاؤل و الإيجابيّة... ميساء توفّات و هي حاطتلنا في بالنا اللّي عندها "جرد مرض" ما يقدرش عليها، و هي في الحقيقة ما حبّتش تقلّنا اللّي فلوس عائلتها ما تقدرش عليه. ميساء ماقتلهاش المرض، ٱماا قتلتها سياسات الدّولة هاذي اللّي عافسة بقدم الصّبّاط على الطّبقة الفقيرة و بالتّنڨورة متاعو على الطّبقة الوسطى. 

ميساء بن حميدة هي ضحيّة الخوصصة الممنهجة للصّحة العموميّة. عندها مرض دماغي نادر لكن يتعالج بعمليّة جراحيّة استعجاليّة. يقول القائل في 2018، الحكاية هاذي مستحيل تكون مشكلة. صحّ الصّحيح، السّبيطار الوحيد المختصّ في تونس قلّها "أرجع بعد 3 سنين"، و المصحّة قلتلها "كُحّ 100 مليون". أعطيوني أي مواطن مالطّبقة الوسطى، موش سارق و موش متهرّب مالضّرايب و ما يخدمش كونتره، عندو 100 مليون. بلغة أخرى، الدّولة التّونسيّة قالت لوحدة من نوّاراتها "موت ثمّه".

الدّولة التّونسيّة، في حركة رمزيّة حرْفيّتها مرعبة، قتلت "مخّ" ميساء، اللّي يحبّ الأدب و الفنّ و السّينما، اللّي لٱخر لحظة يلوّج على الدّروس اللّي غابت عليهم و هيّ تجري من سبيطار لسبيطار، اللّي لٱخر لحظة يعتذر على الغيابات و حارص على أخلاق طلب العلم، اللّي لٱخر لحظة يخمّم و يعدّي في الامتحانات و يكتب في المقالات و خاطر مولاتو تحبّ تنجح ضدّ كلّ عوامل الفشل و الإحباط، و تطلع عنصر فاعل في بلادها و أستاذة متميّزة تنقّص مالرّداءة متاع "شركة مقاولات التّربية و التّعليم".

و خلّي نكمّلو هكّه، باش نوصلو كي ناخذو "هوا" و ماعنّاش فلوس، ديراكت للجلّاز. 
مايهمّش قدّاش تشوينا عليها، مايهمّوش دموعنا، ماتهمّش حسرتنا و تداعياتنا العاطفيّة. حزننا ما يهمّش خاطرو لا يقارن بالتراجيديا اللّي تعيشها عيلتها. لكن قهرتنا تهمّ.
الله سيرحم ميساء بإذنه، لكن كيف نرحم هذه الدّولة المجرمة؟"